
ربما تراني بمشاعر صادقة يخالطها شيء من الألم. أطرق بابك محمَّلًا بشلال من الدمع، أروي به وجنتيك اللتين أنهكهما الجفاف، وأترك خلفي أثرًا من الملح والمرارة. أحيط عينيك بهالة داكنة، كتوقيع للسهر الذي بات رفيقك، وللإرهاق الذي افترس ملامحك بأنيابه.
أنا الزائر الذي لا يستأذن، أهبط فجأة كظل ثقيل، وأهمس لك بحكايا الليل الطويل. أعانق أنفاسك المتقطعة، وأتغلغل بين ضلوعك كشعور مألوف لكنه مؤلم. قد تحاول أن تنفضني عنك، أن تهرب منّي، لكنني أعود مع كل ذكرى، مع كل نبضة تختزن في عمقها وجعًا لم يندمل.
أمضي فيك كما تمضي الريح بين أغصان الشجر اليابس، فأجعلك تئن تحت وطأة الذكرى، وأبعثر أوراق الماضي فوق دروبك، فتتعثر بها خطواتك كلما حاولت المضي قدمًا. لستُ مجرد إحساس عابر، بل وشمٌ لا تمحوه السنين، وصوتٌ خافت يتردد في أعماقك كلما ساد الصمت من حولك.
تقاومني، تظن أنك قادر على طردي، ولكنني أتمدد في الفراغات التي يتركها غياب الفرح. أسكن في تلك اللحظات التي تظن فيها أنك بخير، فأكشف لك هشاشة سكينتك المزعومة. أتشبث بك حين تتظاهر بالقوة، فأجعل ابتسامتك تتثاقل، ونظراتك تنطفئ ببطء، كشمعة يسرقها الليل شيئًا فشيئًا.
بقلم/ مصطفى الزاكي حسن