
أَتَى مِنْ سَمَاءِ اللُّغْزِ يَحْمِلُ فِكْرَتَهْ
لِيَكْتُبَ فِي لَوْحِ الْحَضَارَةِ قِصَّتَهْ
عَلَى الصُّبْحِ أَنْ يُسْدِي إِلَى اللَّيْلِ غُرَّةً
لِيَمْلِكَ فِي عَشْوَاءِ خَبْطٍ بَصِيرَتَهْ
عَلَى الْغَدِ أَنْ يُخْفِي عَنِ الْيَوْمِ سِرَّهُ
لِيُثْبِتَ مِنْ بَيْنِ الْمَجَرَّاتِ هَيْبَتَهْ
وَرَاحَ مِنَ الْيُونَانِ سَيِّدُ مُفْطِنٍ
فَأَفْضَى لَنَا مَا لَمْ يُقَابِلْ طَبِيعَتَهْ
كَأَنَّهُ نَحْوِيٌّ يُهَمِّشُ (عَمْرَهُ)
“وَمَا جَاءَ زَيْدٌ” حِينَ رَكَّبَ جُمْلَتَهْ
بَيَانَاتُهُ أَلَّا يُبَيِّنَ ذَاتَهُ
مَجَازَاتُهُ أَلَّا يُجَازِي حَقِيقَتَهْ
بَنَى سُلَّمَ الْأَفْكَارِ نَحْوَ كَلَامِهِ
لِيُدْهِشَ عَرَّافَ النُّصُوصِ وَيُسْكِتَهْ
يَرَى فِي سَرَابِ الْحُلْمِ مِلْءَ كُؤُوسِهِ
عَلَى نَجْمَةِ السَّعْدَانِ يَبْنِي مِنَصَّتَهْ
فَفِي نَوْمِهِ الْبِدْعِيِّ سَطَّرَ حُلْمَهُ
وَفِي جُهْدِهِ الْبَذْلِيِّ حَقَّقَ رُؤْيَتَهْ
سَيَغْدُو سُلَيْمَانُ الْحَكِيمُ بِعِزِّهِ
سَيَأْتِي بِوَادِ النَّمْلِ يَتْلُو نُبُوَّتَهْ
أَيَا نَمْلَةً لَا تَدْخُلِي فِي مَسَاكِنٍ
هُنَا لِجُنُودٍ لَا تُحَطِّمُ نَمْلَتَهْ
هُنَا قَابِلُ الشِّعْرِيِّ يَبْكِي بِهَابِلٍ
وَلَوْلَا غُرَابِي لَنْ يُوَارِيَ سَوْءَتَهْ
هُنَا فَيْلَسُوفٌ مَا اجْتَلَى كَوْكَبَ الرُّؤَى
وَلَكِنْ قَضَى مِنْ نَفْسِ يَعْقُوبَ حَاجَتَهْ
إِلَى ذَاتِهِ يَمْشِي لِيَكْشِفَ مَا خَفَا
لِيَكْشِفَ عَنْ هَذَا الْمَجَازِ حَقِيقَتَهْ
وَفِي سِدْرَةِ الْعِرْفَانِ نَجْمٌ يَلُوحُ لِي
وَقَلْبِي الْفِلِسْطِينِيُّ يَحْرِسُ غَزَّتَهْ
سَيَسْتَرْجِعُ التَّارِيخُ كُلَّ حِكَايَةٍ
لِيُنْتِجَ مِنْ كُلِّ الْحَدَاثَةِ حِكْمَتَهْ
إِذَا عَزَّ مِصْرِيٌّ بِصَفْوَةِ نِيلِهِ
سَيَعْلُو عِرَاقِيٌّ بِحُلْوَةِ دِجْلَتَهْ
وَلِي مَا لِصُوفِيٍّ بِهَمْسِهِ فِي الدُّجَى
بِأَنَّ الدُّجَى غُنْمٌ لِمَنْ رَامَ رِفْعَتَهْ
وَلِي مَا لِصُوفِيٍّ بِأَنَّ عِبَادَتِي
لِرَبِّي فَلَمْ أَعْبُدْ لِأَدْخُلَ جَنَّتَهْ
وَلَا تَكْتَرِثْ إِنْ حَازَنِي طَعْنُ مُكْثِرٍ
حُرُوفُهُ قَبْلِي لَمْ تُحَرِّكْ سَكِينَتَهْ
كَأَنِّي حَدِيثٌ مَا رَوَاهُ هُرَيْرَةَ
سَيَرْوِي بُخَارِيُّ الْكِنَايَاتِ صِحَّتَهْ
ارتفَآنَسْتُ نَارًا مِنْ مَجَازَاتِ مُرْسَلٍ
مَتَى صُبَّ فِيهَا الْمَاءُ تَزْدَادُ شُعْلَتَهْ
بقلم/ سنغاري أبو بكر