
لقد كثرت الأنباءُ هذه الأيام عن عمليات القتل بصورةٍ مرعبة، وتعددت الأسباب بين طمعٍ فيما عند الآخر، أو خلافات خلفتها الضغائنُ والأحقاد، أو جهلٍ مقيتٍ يجرُّ صاحبه إلى إزهاق روحٍ قد تكون من المقربين إليه! يا تُرى، هل تحوَّل إنسانُ هذا العصر إلى وحشٍ قاتلٍ بسبب تغير العوامل الاجتماعية والضغوطات الاقتصادية، أم ثمةَ لغزٌ آخر خلف هذه الجرائم والاستخفاف بروح الإنسان؟
قد يقولُ البعضُ إنها أحداثٌ عابرةٌ وسنةٌ من سنن الحياة، فالقتلُ موجودٌ منذ قديم الزمان، والإجرامُ قرينٌ لحياة المجتمعات، ولا حاجة لهذه الأسئلة! لكن الجواب خلاف ذلك؛ إن هذا السلوك الإجرامي الذي تفشى بصورةٍ مرعبةٍ مصدره الأساسي والرئيسي هو الخواءُ الروحي، وانحرافُ الإنسان عن معالجةِ أهم الأمراض، وهي أمراضُ القلوب. نعم، إن الجهلَ الذي يصحبه انحرافٌ في الفطرة يحوِّل الإنسان إلى وحشٍ يمشي على صورة إنسان، فليس ثمة أخلاقٌ يتحلى بها، ولا وازعٌ دينيٌّ حقيقيٌ يردعه؛ وذلك بسبب تفشي التدين الشكلي في المجتمع.
وأصحابُ البوادي والقرى بحاجةٍ إلى حملةٍ حقيقيةٍ لتعليم القيم الروحية والأخلاقية التي تجعلهم يواجهون مشاكل الحياة على أسسٍ دينيةٍ، وليس بناءً على ما تمليه أهواؤهم. فالرجلُ الذي يضربُ امرأته لأتفه الأسباب، والمرأةُ التي لا تجد للإضطهاد سبيلًا إلا الانتحار، ما هما إلا ضحايا العولمة التي تُغذي أفكارًا مبدؤها أن التخلص من المشاكل يكون بالانتحار، أو الانتقام ممن اختلف معك بمحوِه من الوجود.
قال تعالى: “وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” (الشورى: 43)، وقال: “إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” (الشعراء: 89).
بقلم/ سنوسي محمد علي