مارس
10
القدر: نحت الروح ورحمة الخالق

كل شيء في هذه الدنيا مكتوب، والإنسان يسير بين أسطر القدر كحرف يمر على المعاني ولا يدرك أبعادها كلها، لكنه حين يرفع رأسه إلى السماء، ويرى في الظلام نجمةً واحدة، يدرك أن الظلام لم يكن إلا ستارًا على النور، وأن المصائب لم تكن إلا ضربات فأسٍ تنحت روحه ليكتمل الشكل الذي أراده الله له.  الإنسان […]

مارس
09
تأملات في سن الأربعين

“لقد علمتني الحياة أن أنتظر أن أعي لعبة الزمن دون أن أتنازل عن عمق ما استحصدت. قل كلمتك قبل أن تموت، فإنها ستعرف حتماً، طريقها. لا يهم ما ستؤول إليه، الأهم هو أن تشعل عاطفة أو حزناً أو نزوة غافية… أن تشعل لهيباً في المناطق اليباب الموات”. محمد شكري حري بالإنسان أن يقف عند محطات […]

مارس
04
النعيم يبدأ من القلب

الحياة قاسية… هكذا تبدو للعابثين من معتقداتهم السلبية: “ذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاء ينعم.” السؤال أبواب النعيم لا تفتحها الصلوات الخمس والصيام فقط، تلك هي حقوق الله! ستجد أولئك متوكلون على الله وهم أشقياء، والنعيم يعبر من خلالهم وأشقياء، إنجازاتهم بلا روح حياة. أن تنجز شيئًا وأن تعيش شيئًا آخر، وماذا لو اجتمع […]

فبراير
28
التسامح

التسامح من القيم الإنسانية الأساسية التي تسهم في تحقيق السلام والتعايش السلمي بين الأفراد والمجتمعات، فهو نمط من أنماط الاحترام والتقدير للآخرين، ففي هذه الحياة كلنا ضيوف عابرون، لا تحقد ولا تحسد ولا تشتم ولا تظلم أحداً، ربما تجد من يسيء إليك بتصرفه أو بالأحرى، فسامحه واترك أمره للذي خلقك، فسامح كل من أساء إليك، […]

فبراير
23
زائر ثقيل

ربما تراني بمشاعر صادقة يخالطها شيء من الألم. أطرق بابك محمَّلًا بشلال من الدمع، أروي به وجنتيك اللتين أنهكهما الجفاف، وأترك خلفي أثرًا من الملح والمرارة. أحيط عينيك بهالة داكنة، كتوقيع للسهر الذي بات رفيقك، وللإرهاق الذي افترس ملامحك بأنيابه. أنا الزائر الذي لا يستأذن، أهبط فجأة كظل ثقيل، وأهمس لك بحكايا الليل الطويل. أعانق […]

فبراير
23
تكهنات لما بعد الحرب

بعد الحرب، قد تتغير الخيارات، وتتبدل القناعات، وتتحول الانتماءات. هذا التحول ليس خذلانًا لمن عرفتَهم أو أحببتَهم أو كنتَ قريبًا منهم في الماضي، بل هو نتيجة طبيعية للحرب التي تعصف بكل شيء، فتُغيّر معالم كثيرة في حياة كل فرد منا. وربما تجد نفسك مضطرًا للتخلي عمن تحب، لا جفاءً ولا نكرانًا، بل من أجل المضي […]

فبراير
22
الضوء وصاحبه

  لَا شَكَّ لِي بِغَدٍ جِيلٌ سَيَذْكُرُهُ  فَوْقَ الشَّرَايِينِ وَالتَّارِيخُ يَكْتُبُهُ  ضَوْءٌ تَبَلَّجَ نَهْرًا تَحْتَ إِمْرَتِهِ  وَمَدَّ طَاقَةَ شَمْسِ الْكَوْنِ بَهْجَتُهُ  فِي غَابَةِ الصَّبْرِ بَاتَ اللَّيْثُ مُنْفَرِدًا  لَكِنَّهُ كَلِمَةُ الْهَادِي تُؤَنِّسُهُ  مَهْمَا يَمُرُّ عَلَى النِّيرَانِ حَافِيَةً  وَالْقَلْبُ فِي مَلَإِ الْأَعْلَى سَيَحْفَظُهُ  لَا شَيْءَ يُعْجِبُهُ لَا شَيْءَ يُحْزِنُهُ  لَا شَيْءَ يُوقِفُهُ لَا شَيْءَ يُفْسِدُهُ  كَمْ غَاصَ […]

فبراير
22
الخدمة بين الماضي والحاضر

إن خدمة الأمة، بكل ما تحمله من جلالة وشرف، ليست أمرًا هينًا، بل تتطلب جهدًا وإخلاصًا. فالبعض لا يتحملون مشقة الجد والاجتهاد، ولا يرغبون في خدمة غيرهم. ومع ذلك، فإن كتب التاريخ مليئة بأسماء من خدموا أمتهم، فخلدهم التاريخ وأشاد بهم. أخي، لو تأملت أحداث التاريخ، واستعرضت شخصياته البارزة، واستفدت من دروسه، لاتفقت معي على […]


 
تعلمت من الشدائد الصبر الجميل، ومن اليأس الأمل المجيد، ومن الحزن الاختيار السديد، ومن الألم الكتابة، ومن القراءة التعاطف مع الآخرين. هذه قراءتي المتواضعة لسيرة الكاتب الصحافي المصري محمد أبو الغيط، المعنونة:  “أنا قادم أيها الضوء”.  

هذا ثالث كتاب أقرؤه في مجال السيرة الذاتية، لكنها المرة الأولى التي أقرأ فيها قصة بكل ذهول واندهاش.  سأذكر لكم أهمّ النقاط الرئيسية، دون التطرق إلى التفاصيل الفرعية بشكل عميق.   

سيرة أبو الغيط مكونة من 314 صفحة، مليئة بالحب والأمل، التفاؤل والعمل، التحدي والمواجهة، الصبر والتجارب. في هذا الكتاب، يتحدث أبو الغيط عن صراعه مع مرض السرطان، المرض الأكثر انتشارًا ومخيفًا في العالم، كيف كانت المواجهة منذ لحظة تشخيصه بالمرض؟. كيف استقبله؟ وكيف تعايش معه؟. وخلاصة القول أن لا شيء قادر على هزيمتي في هذا الصراع وأنا أحمل سلاح العقلانية.

 تحدث الكاتب عن تجارب المرضى: كيف عاشوها؟.  تارة ينتصر أحدهم على المرض، وتارة آخرى يرحل. بعضهم يرى ضوء السعادة بعد أن كان في ظلمة اليأس من مرض أرعب البشرية، عجز عن الأطباء، وتعافى منه أصحاب العزائم، يقول: “رضينا بالهم والهم مش راضي بنا، ضحك كالبكاء اللائق بمصيبة تتضخم”.

  وذكر بعض الدراسات الأجنبيّة التي تناولت السرطان ومخاوفة، في هذا العالم المزدحم بالفيروسات. لكن أكثر ما سلط عليه الضوء الجانب الروحي، من ضمير وإيمان يتربى عليه الإنسان أو يحافظ عليها خلال نشأته بين كل هذا الكم الهائل من الهُراء السياسيّ والاقتصادي.

1- الإيمان

في هذا الزمان، نحنُ بحاجة إلى الضوء، ليس ذاك الذي يتسلل من النوافذ المجاورة، بل الضوء ذاك الذي يسكن في هذه المنطقة المظلمة -القلب- باسم آخر: إنه الإيمان بالذات، والثقة بأن ما يعجز عنه الخلق لا يعجز الخالق.

 الضوء الذي رافق أبو الغيط كان إيمانه بصوره المختلفة: أمل وتفاؤل وصبر وكفاح. لذلك يجب ألا نفقد إيماننا بذواتنا وانتصارنا على هذه الأيام التي تمر بنا ولا نمُر بها.

2-     الصداقة

حينما كان أبو الغيط يشعر بدوامة الموت واليأس بعد أن قرأ عدد الوفيات لمن هم في مثل حالته، تسلل إليه الخوف والوهم. تخيل زوجته التي أحبها ورافقته، في حياته، قد تزوجت رجلًا آخر بعد رحيله، والأصدقاء يكتبون النعي ويذرفون الدموع، وابنه يقف يتيمًا فوق جنازته، لكن حينها، ظهر د. حسام؛ أحد الأطباء المصريين المختصين بالسرطان، ليغير الفكرة ويساعده على التخلص من هذا الوهم. وصف أبو الغيط هذا اللقاء، بقوله: أخرج من جعبته أسلحة جديدة للتفاؤل العقلاني: هذا ما نسميه جرعة أمل إضافية للحياة. ص43.
كثيرًا ما ننجو من المخاوف المدمرة بفضل حيل الآخرين التي يفتعلونها من أجلنا. الصداقة التي لا تنجينا من الغرق، مثل سفينة متهالكة توشك على الغرق، وعندها جيب أن تسبح وحدك. وإذا كنت لا تجيد السباحة في بحر الحياة الهائج، ستغرق و أبو الغيط كان سباحًا متفائلًا.

3- الحب

إذا لم يهذبك الحب، فلن يهذبك شيئًا غيره!.
الحب عدو الألم، وإسراء (زوجة الكاتب) هي البطل الحقيقي في هذه المرحلة، كانت الجندي الذي تصدر الصفوف لمواجهة المرض، بقوةٍ ووعيٍ بأهمية التغلب على الظروف بأقل الخسائر المادية، والنفسية، والروحية.
حينما كانت تأتي نتائج الفحوصات مخيفةً، لم تكن إسراء تبكي أو تضعف، بل كانت تجرّه إلى مشاهدة فيلم، أو تحكي له نكتة تخرجه من دوامة اليأس.
يختم أبو الغيط بقوله: لم أرَ وسيلةً أفضل لتوليد الرحمة من أن يحاول كلٌّ منا فهم آلام الآخر، وأن يضع نفسه مكانه.

بقلم/شعيب الأحمدي

By khalid

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *